تعـريف الرقيــة
الرُّقْـية: العوذة، معروفة؛ والـجمع
رُقًـى،
وتقول: اسْتَرْقَـيْتُه
فرقَانـي رُقْـية، فهو راقٍ، ورجل رَقَّاءٌ: صاحبُ رُقًـى. يقال: رَقَـى الراقـي رُقْـيةً و رُقـيّاً
إِذا
عَوَّذَ ونفث فـي عُوذَتِه ، قال ابن الأَثـير: الرُّقْـية العُوذة التـي
يُرْقـى بها صاحبُ
الآفةِ كالـحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات.
يقول الله سبحانه وتعالى:} كَلاّ إِذَا
بَلَغَتِ التّرَاقِي* وَقِيلَ
مَنْ
رَاقٍ { [ القيامة:27].
وفي سنن ابن ماجة عَنْ أَبِي خزَامَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى
الله عليه وسلم أَرَأَيْتَ
أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقًى
نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ
قَدَرِ
اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ .
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى
رَسُولِ
اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ
عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي
بِهَا
مِنَ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ
فَقَالَ
مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ
فَلْيَنْفَعْهُ
وعند
مسلم عن جَابِر
بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُول:
رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لآلِ
حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ
وَقَالَ
لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً
تُصِيبُهُمُ
الْحَاجَةُ قَالَتْ لا وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ
ارْقِيهِمْ قَالَتْ
فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ.
وفي سنن الترمذي عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ
مَعَ
سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَكَلَّمُوهُ أَنِّي
مَمْلُوكٌ قَالَ فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا
أَجُرُّهُ فَأَمَرَ
لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ
الْمَتَاعِ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ
أَرْقِي بِهَا
الْمَجَانِينَ
فَأَمَرَنِي
بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا .
شـروط الرقيـة
يقول ابن حجر العسقلاني :
يستخلص من كلام أهل العلم أن الرقى تكون
مشروعة إذا تحقق فيها ثلاثة شروط:
1) أن
لا يكون فيها شرك ولا معصية .
2) أن تكون بالعربية أو ما يفقه معناه .
3) أن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن
الله تعالى
.
صـفة
الرقيـة
أن يقرأ الراقي على محل الألم ، أو على
يديه
للمسح بهما ،
أو في ماء
ونحوه ، وينفث إثر القراءة نفثا خاليا من البزاق ، وإنما هو
نفس معه بلل من الريق أ.هـ "فتح
الباري
كتاب المرضى".
تأثير الرقيةفي المرقي
يقول ابن القيم في الزاد: تعتمد الرقية
على أمرين ، أمر من عند المعالج وأمر من جهة المصروع فالذي من جهة المصروع يكون بقوة
نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبادئها والتعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه
القلب
واللسان . والثاني من
جهة المعالج بان يكون فيه هذان الأمران أيضا حتى أن بعض
المعالجين من
يكتفي بقوله
(
اخرج منه ) أو يقول ( بسم الله ) أو يقول ( لاحول ولا قوة إلا بالله ) ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان
يقول:
( أخرج عدو الله أنا رسول الله ) .
ويقول في الطب النبوي : ومن انفع علاجات السحر الأدوية
الالهية
، بل هي
أدويته
النافعة بالذات ، فانه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ، ودفع
تأثيرها يكون بما يعارضها
ويقاومها
من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها ، وكلما كانت أقوى وأشد ،
كانت
أبلغ في النشرة ، وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه ، فأيهما
غلب
الآخر ، قهره وكان الحكم له ، فالقلب اذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره ،
وله من التوجهات
والدعوات والأذكار والتعوذات
ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه ، كان هذا
أعظم الأسباب التي تمنع
اصابة السحر له ، ومن أعظم
العلاجات له بعد ما يصيبه.
يقول الدكتور عمر الأشقر: أحب أن انبه هنا إلى أن
الرقى ليست مقصورة
على إنسان بعينه ، فان المسلم يمكنه أن يرقي نفسه ويمكن أن
يرقي غيره ، وان
يرقيه غيره ويمكن للرجل أن يرقي امرأته ويمكن للمرأة أن ترقي
زوجها، ولا شك أن صلاح
الإنسان له أثر في النفع وكلما كان أكثر صلاحا كان أكثر نفعا،
لأن الله يقول :
}إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ{[ المائدة 27] . ولا
صحة لما يدعيه
بعض الذين يلجأ إليهم الناس من أن لهم خصوصية في نفع رقاهم لأخذهم
العهد على الشيخ
أو صاحب الطريقة ، فان هذا لا أصل له وهو من الضلال، فالرقية دعاء
والتجاء إلى الله
والله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه }وَقَالَ رَبّكُمْ ادْعُونِيَ
أَسْتَجِبْ
لَكُمْ{[غافر:60] أ.هـ.
ومن
أهم الأمور التي تساعد على
تأثير الرقية في المرقي هي تقبل المريض للراقي ، فلو أنك أجبرت
المريض على الذهاب
إلى الراقي الفلاني والمريض يكره الذهاب إليه فإنه في الغالب لا
يستفيد منه ، فإذا
فقد المريض الثقة والارتياح والانشراح للمعالج الذي يعالجه فإن ذلك
يفقد الرقية كل
أثر ، بل قد يشعر المريض بزيادة المرض ، ولو أنه كان في قرارة نفس المريض أنه لن
يستفيد
ولن يتأثر من رقية الراقي
الفلاني فإنه سوف لن يتأثر ولن يستفيد في الغالب ،
بعكس من يذهب إلى
الراقي وهو منشرح
الصدر مقبلا على الراقي ، معتقدا بأنه سوف ينتفع
من رقيته بإذن الله
تعالى.
ولذلك أنصح إخواني الرقاة بأن يتوددوا
للمريض
بطيب الكلام وطلاقة
الوجه . ويمكن أن يحسن الراقي إلى المريض قبل الرقية حتى يؤثر عليه
بأسلوبه
وبلاغة
كلامه، يقول صلى الله
عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا ، فيكون
تأثير الكلام على المريض أقوى من
تأثير المرض، وهذا من الإحسان ، والقلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها،
يقول
الشاعر
:
فطالما
استعبد
الإنسان إحسان
أحسن
إلى الناس تستعبد قُلوبهم
ويقول الآخر :
عدوي وفي أحشائه الضُغن كامُن
وإني لألقى
المرءَ أعلم أنه
سليما وقد ماتت لديه الضغائن
فأمنحه بشرى فيرجع
قلبهُ
ومنها
إقبال الراقي على
الرقية
، فالنفس لها إقبال
وإدبار ، ولذلك تلاحظ اختلافا بينا في قوة الرقية لنفس
الراقي . فربما كان الراقي مجهدا
نفسيا وبدنيا منشغل البال فتكون رقيته قليلة النفع ، بعكس لو أنه كان صافي الذهن نشيط
البدن
مقبلا على الرقية.
يقول
ابن
قتيبة الدينوري في شرحه
لقول الله تعالى{ أو ألقى السمع وهو شهيد} فإذا
حصل المؤثر ، وهو
القرآن ؛ والمحل
القابل وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ،
وانتفى المانع وهو اشتغال القلب
وذهوله
عن معنى الخطاب إلى شيء آخر حصل الأثر والتذكر ا.هـ" أنظر كتاب الفوائد لشمس
الدين إبن قيم
الجوزية ص 16
".
ومنها معرفة
الراقي وخبرته في مجال الرقية ومعرفته للآيات
المناسبة للمرض، وتشخيص الحالة ،
وخبرته في استدراج ومجاهدة ومقارعة الشياطين وسحرة الجن .
نقلاً عن لقط المرجان في علاج العين والسحر والجان